Fr aghnatious Ava Biahoy
إذا اخطأ الناس إليَّ هبني شجاعة التسامح
كانت سعاد عائدة إلى منزلها بعد أن قامت بشراء حاجياتها، فإذ بها تصطدم في طريقها بشخص غريب، مما أدى إلى تناثر الحاجيات يميناً ويساراً على الأرض. بادرها الغريب قائلا: آسف، عن جد آسف، مش قصدي. وأقبل يساعدها في جمعها، فقابلته بابتسامة دافئة: مش مشكلة، بسيطة، حصل خير، ولملمت الحاجيات وعادت إلى المنزل... في ذلك المساء عندما آوت إلى الفراش، أخذت تستعرض نهارها، فجال فكرها ووقف عند مشهد الاصطدام بالغريب. أخذت تفكر وتتأمل... كان ما حصل يذكرها بشيء، وفعلاً استحضرت من مخيلتها آخر كلمة تبادلتها مع أختها منذ 3 سنوات عندما تجادلتا وتخاصمتا ولم تتنازل إحداهما بالاعتذار أو المسامحة لصعوبة هاتان الكلمتان. فجأة اختلطت المشاهد مع بعضها ورأت سهولة الاعتذار وسهولة المسامحة عند اصطدام الغريب بها، فأغمضت عينيها بعد أن مسحت دمعة هاربة ...
وأنت ألم تشعر يوماً بالندم من تصرف آذيت به غيرك... جرحت به مشاعر أخ أو صديق أو حتى غريب؟ ألم تعالج الموقف باعتذار من قلب نادم آسف؟... أم أن كبرياءك وما تسميه عزة نفسك منعاك من الاعتذار... ربما سمحت لمبرراتك الكاذبة وأعذارك الوهمية بتنويم ضميرك لتعفيك من التأسف ...
هل سامحت يوماً من أخطأ بحقك ؟ هل قبلت الأسف والاعتذار؟... أم اتخذت من هذا الموقف فرصة لإذلال الآخرين، فرفضت المسامحة بحجة أنك مجروح... بحجة أن القريب آذاك فكان عليه أن يفكر قبل أن يخطئ بحقك أما الآن فقد فات الأوان... لقد خان هو ثقتك وآلمك، لذلك لا يستحق منك حتى المسامحة ؟؟!!...
لتعلم أيها الإنسان أنك خاطئ ... عاصٍ... لا تستحق المسامحة، لكن من هو أعظم منك قبلك وسامحك كما أنت دون اعتذار منك أو ندم. أفلا يجوز لك أنت الخاطئ أن تسامح خاطئ مثلك أو أن تعتذر عن خطأ بدر منك بحق الغير؟ إذا كنت لا تعتذر عن خطاياك وهفواتك لله وهو مع ذلك يسامحك، فالأجدر بك إذاً أن تنسى أي إساءة من صديق وأن تندم على أي أذى ألحقته بالقريب أو الغريب.
إن الله محبة، والمحبة تمحي كل إساءة، بل إن المحبة تعيد صياغة الإساءة بقالب من الرحمة والحب، فلا يعود الخطأ بحق الآخر بأكثر من هفوة لا تكاد تذكر ولا يعود الاعتذار بأكثر من كلمة سحرية تمحي ما في القلوب من ضغائن.
إن مسيرة التسامح تبدأ بالندامة: فهي عربون حقيقي لعلاقة المحبة بيننا خصوصاً أنها تنبع من قلب نقي صاف، وتعظم الندامة ويرقى الإنسان إذا ارفق ندامته الحقيقية باعتذار بريء يعبر عن حب خالص، ويكتمل سمو الإنسان إذا قبل الاعتذار من أخيه الإنسان أو حتى إذا نسي الإساءة منذ البداية وواصل مسيرته مع القريب بإكليل متوج بالمحبة...
وإذا كنت تقدم قربانك إلى المذبح وتذكرت أن لأخيك شيئاً عليك، فأترك قربانك عند المذبح واذهب أولاً وصالح أخاك، ثم تعال قدم قربانك. وإذا خاصمك أحد، فسارع إلى إرضاءه ما دمت معه في الطريق، لئلا يسلمك الخصم إلى القاضي، والقاضي إلى الشرطي، فتلقى في السجن... الحق أقول لك: لن تخرج من هناك حتى توفي آخر درهم. ( متى 5: 23-26 )
إذا خطئ أخوك إليك، فاذهب إليه وعاتبه بينك وبينه، فإذا سمع لك تكون قد ربحت أخاك، وإن رفض أن يسمع لك، فخذ معك رجلاً أو رجلين لكي يحكم في كل قضية بناء على كلام شاهدين أو ثلاثة. فإن رفض أن يسمع لهم، فقل للكنيسة، وإن رفض أن يسمع للكنيسة فعامله كأنه وثني أو عشار. ( متى 18: 15-17 )
إذا أخطأ أخوك فوبخه، وإن تاب فاغفر له. وإذا اخطأ 7 مرات في اليوم، ورجع إليك في كل مرة فقال: أنا تائب، فاغفر له. ( لوقا 17: 3-4 )
وكذلك مثل ملكوت السموات كمثل ملك أراد أن يحاسب عبيده. فلما شرع في محاسبتهم أتى بواحد منهم عليه عشرة آلاف وزنة. ولم يكن عنده ما يؤدي به دينه، فأمر مولاه أن يباع هو وامرأته وأولاده وجميع ما يملك ليؤدي دينه. فجثا له الخادم ساجداً وقال:" أمهلني أؤد لك كل شيء". فأشفق مولى ذلك الخادم وأطلقه وأعفاه من الدين. ولما خرج ذلك الخادم لقي خادماً من أصحابه مديناً له بمائة دينار. فأخذ بعنقه يخنقه وهو يقول له: "أدِّ ما عليك". فجثا صاحبه يتوسل إليه فيقول: "أمهلني أؤده لك". فلم يرضَ، بل ذهب به وألقاه في السجن إلى أن يؤدي دينه. وشهد أصحابه ما جرى فاغتموا كثيراً. فمضوا وأخبروا مولاهم بكل ما جرى. فدعاه مولاه وقال له: "أيها الخادم الشرير، ذاك الدين كله أعفيتك منه، لأنك سألتني. أفما كان يجب عليك أنتَ أيضاً أن ترحم صاحبك كما رحمتك أنا؟" وغضب مولاه فدفعه إلى الجلادين، حتى يؤدي له كل دينه. فهكذا يفعل بكم أبي السماوي إن لم يغفر كل واحد منكم لأخيه من صميم قلبه. ( متى 18: 23-35 ).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق