الأربعاء، 28 يوليو 2010

عـذراء الخـدم

عـذراء الخـدم




( قصة حقيقية )



كان " دانيال " يستمع بشغف شديد لشرح المرشدة السياحية في العاصمة النمساوية ـ فيينا ، التي ما أن وجدت فوج مصري حتى تفجر فيها كل الشوق إلى مصر وأخذت تشرح بحرارة عجيبة
كل صغيرة وكبيرة في كاتدرائية القديس اسطيفانوس St. Stephans فهذا تمثال كبير نحته أحد الفنانين العظماء من صخرة واحدة ... و كل جزء صغير فيه يعبرعن معنى معين ...


و قد أراد الفنان أن يوقع اسمه على التمثال ، فنحت صورته و هو يطل من نافذة صغيرة ليرى منها

المعجبين بفنه على مدى العصور ... فهذه هي طريقة توقيعه ...


و لكن لفت نظر " دانيال " تمثال غريب للسيدة العذراء مريم ،


يختلف عن كل ما في الكاتدرائية العظيمة ... فالسيدة العذراء لا تقف منتصبة كأنها تمثال بل تنحني قليلا

وتنظر لابنها الحبيب بابتسامة عذبة وكأنها شخص حي ...
فسأل دانيال المرشدة عن سر اختلاف هذا التمثال...

فقالت له : " هذا صحيح ، فهو يختلف تماما عن باقي التماثيل ... فكله من النحاس الخالص ... و قد وضع في الكنيسة في زمن مختلف...
و له قصة خاصة ..."

فقد كان هذا التمثال الجميل في حديقة قصر إحدى الأميرات بالنمسا ... وكانت لهذه الأميرة خدم كثير و لكن كانت هناك وصيفة واحدة لخدمتها الخاصة منذ عدة سنوات ...

و في أحد الأيام ، إذ بها لا تجد خاتمها الماسي الثمين ... فنادت على وصيفتها " فيولا " في لهجة غاضبة ... وقالت لها : " أين خاتمي الثمين الذي أهداه لي الإمبراطور شخصيا ؟ يجب أن يظهر هذا الخاتم حالا " ...

لم تتعود " فيولا " أن تسمع هذه النغمة من الأميرة الصغيرة ... فهي تعتبرها ابنتها ... فهل وصل الأمر أن تشك فيها !.


لم تجب " فيولا " ، بل أسرعت نحو الحديقة حيث تمثال السيدة العذراء مريم ، وقالت لها : " انجديني

ياأمي الملكة " ...


فما كان من الأميرة إلا أن قالت لها عندما رأتها أمام التمثال :
" أن العذراء ليست للخدامين ... ."


شعرت " فيولا " وكأن خنجر يخترق قلبها ...

وعبثا حاولت أن يغمض لها جفن هذه الليلة ... فدموعها تنساب بغزارة ...

هل حقا أيتها السيدة العذراء أنت لست للخدم ؟
ألا يحق لي أن أدعوك أمي ؟
هل حتى عند الله يوجد سادة و خدام ؟ ...


و أرادت الأميرة أن تحضر إحدى الحفلات ... فأخرجت( الجوانتي ) الدانتيل لتلبسه حتى تستكمل أناقتها ... وإذ بالخاتم داخل إصبع الجوانتي حيث اشتبك الدانتيل بأحد الفصوص !

خجلت الأميرة جدا من نفسها ... و ذهبت إلى وصيفتها مسرعة تعتذر لها لأول مرة في حياتها ...



و حتى تعبر عن أسفها الشديد و ندمها .... قررت أن تهدي هذا التمثال للكنيسة
و يسمى تمثال عذراء الخدم حتى يعرف كل البشر أن العذراء هي أم

لكل إنسان ....

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق