الاثنين، 16 أغسطس 2010

استقالة‏


By
kamal zakher
السيد الدكتور السيد البدوى شحاتة
رئيس حزب الوفد الجديد
السيد النائب الاستاذ منير فخرى عبد النور
سكرتير حزب الوفد الجديد
تحية مصرية خالصة وبعد
نظراً للتطورات التى طرأت على سياسة حزب الوفد فى الفترة الأخيرة ، والتى تمثلت فى :
1 ـ زيارة السيد رئيس الحزب لمقر جماعة الاخوان المسلمون غير الشرعية والتى تتبنى مبادئ مناوئة لقيم ومبادئ حزب الوفد.
2 ـ الصمت المطبق تجاه تصريحات الدكتورة سعاد صالح فى برنامج مانشيت بقناة أون تى فى ، وعدم مساءلتها حزبياً رغم تقويضها لمبدأ الوحدة الوطنية التى تأسس عليها حزب الوفد.
3 ـ تأكيد السيد رئيس الحزب فى خطابه بمؤتمر الحزب 5 اغسطس 2010 على أن الحزب ليس حزباً علمانياً ولن يكون ترويجاً لما يقول به الاخوان والجماعات المتطرفة
لهذا كله اتقدم باستقالتى من الحزب اليوم الإثنين 16 أغسطس 2010
ولكم كل تقدير
كمال زاخر موسى
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
شرح اسباب الاستقالة

وفد الجماعة !!

بقلم : كمال زاخر موسى

Kamal_zakher@hotmail.com

لم تكن شعارات الوفد وحدها هى التى قادت خطاى لمقر حزب الوفد قبل سنوات طويلة للتعرف على كنهه والإقتراب من كوادره، والإنضمام لصفوفه، بل كانت قبلها سنوات النشأة ولحظات ولادته التاريخية من رحم الشارع التى صنعت وبحق ثور 19، وعندما بُعث من جديد وجد التفافاً شعبياً رغم سنوات الغياب القصري.

وتأكدت مبادئ الوفد من جديد عام 2010 فى انتقال السلطة داخله بشكل متحضر فى تفعيل معلم من معالم الديمقراطية داخله، وقد سبقها ـ عبر الفضائيات ـ تلك المناظرة غير المسبوقة فى الشارع السياسى، والتى جرت بين قطبين وفديين لهما حضورهما وثقلهما عند الوفديين وفى قمة الهرم الوفدى، الدكتور محمود أباظة والدكتور السيد البدوى، قدما معاً فيها حواراً راقياً، اختلفا وتعارضا دون أن يلجأ احدهما إلى مفردات " الردح السياسى " التى اقتحمت ادبيات الحوار العام وصارت واحدة من ابرز مفرداته.

ثم جاءت الجمعية العمومية للوفد لتعيد الإعتبار للممارسة الديمقراطية كأمتداد طبيعى لموروث أكدته مسيرة الحزب التاريخية، وعندما أعلنت النتيجة بفوز الدكتور البدوى بادر المتنافسان بتقديم صورة اكثر من رائعة بالخروج إلى الجمعية العمومية وللإعلام متشابكى الأيدى، لم يطعن من لم يوفق فى الفائز وفى نزاهة الإنتخابات، ولم يندد الفائز بمن سبقه، وتنتقل القيادة فى يسر وسلاسة وتجذب التجربة العديد من رموز المجتمع للإنضمام للحزب تطلعاً لدعم تجربة تبعث الأمل فى تكريس ثقافة تداول السلطة إحتكاماً لصندوق الإقتراع.

على أن ثمة إشارات مقلقة بدأت تنبعث من قيادة الحزب، تحمل نذر انقلاب على مبادئ وثوابت الوفد، أوردها هنا آملاً ألا تفسد الود الموصول مع الاستاذ الدكتور السيد البدوى بدماثة خلقه وبشاشته الآسرة.

ـ زيارة رئيس الوفد لمقر الإخوان المسلمين : حملت لنا الأخبار نبأ زيارة الاستاذ الدكتور السيد البدوى لمقر جماعة الإخوان المسلمين ـ الأحد 25 يوليو 2010 ـ وبرفقته الدكتور على السلمى، والمستشار بهاء الدين أبو شقة المستشار السياسى لرئيس الحزب، وفؤاد بدراوى نائب رئيس الحزب، فهى إذاً زيارة رسمية من الحزب وليسست شخصية، وفى سياق تبريرها قيل أنها زيارة بروتوكولية تأتى رداً على زيارة المرشد العام للجماعة للحزب مهنئاً بفوز د.البدوى، قال آخرون " إنها تحمل أبعاداً سياسية وتستهدف الضغط على النظام لتوفير ضمانات لنزاهة الانتخابات البرلمانية المقبلة ".، فيما رأى أحد اقطاب الحزب الناصرى أنها زيارة تؤكد حرص د. البدوى على التواصل مع القوى السياسية، بينما يراها البعض تكراراً لتحالفات بين الأحزاب فى الغرب رغم تناقضاتها الإيديولوجية فى فترات الإنتخابات لخلق كتل ضاغطة فى مواجهة الحزب الحاكم. متناسين انها تحلفات بين كيانات سياسية شرعية، وليست مع جماعات تعمل بغير غطاء قانونى .

وقال البعض أنها زيارة لدعوة الجماعة للمشاركة فى المؤتمر الذى يزمع الوفد عقده ـ 5 أغسطس ـ لمناقشة وجوبية توفر ضمانات لنزاهة العملية الإنتخابية، ورغم ذلك لم تلتفت الجماعة للدعوة ولم تشارك فى المؤتمر فى تصرف استعلائى كان بمثابة اللطمة على وجه الوفد.

وفى ظنى أنها زيارة كارثية تقوض القواعد التى قام عليها حزب الوفد التاريخى والجديد، إذ تقدم إعترافاً صريحاً بجماعة تفتقر للشرعية، وبحسب الدراسات الموضوعية التى تناولتها كانت المفرخة الأم لكل التنظيمات الراديكالية الإرهابية التى روعت مصر والعالم فى سلسلة الأعمال التخريبية ومازالت، ولا يمكن بحال الركون إلى كونها قوة سياسية (بوضع اليد) فى الشارع السياسى، فلم نسمع يوماً أن ثمة تحالف يمكن أن ينعقد بين حزب شرعى تأسس على تبنى الوحدة الوطنية وبين جماعة غير شرعية لا تكف عن الإعلان بأن مرجعيتها دينية وتحجب حقوق الولاية العامة عن الأقباط والمرأة، وسقطة الحزب هنا أنه يتجاوز مبادئ الشرعية من أجل بضع مقاعد برلمانية قد لا تأتى، بل قد يحدث العكس كما حدث عندما سقط الزعيم فؤاد سراج الدين فى نفس الشرك بتحالفه مع الإخوان 1984، والذى استطاع تحالف " التلمسانى ـ سراج الدين " من خلاله الفوز بـ 34 مقعداً، ودخل الإخوان المجلس على ظهر الوفد، بعد سلسلة من الفشل الإخوانى الممتد من 1942 باستثناء الفوز اليتيم للشيخ صلاح ابو اسماعيل فى انتخابات 1976، ثم فوزه للمرة الثانية ومعه الحاج حسن الجمل 1979 .

الغريب أن أحداً من الوفديين لم يعلن استهجانه لهذه الزيارة وكأنهم يعلنون موافقتهم الضمنية لها، رغم مدلولاتها الخطيرة التى تتنكر لكل مبادئ الوفد، ولا يخفف منها تأكيد رئيس الحزب على استبعاد أية تحلفات مع الجماعة.

ـ الصمت المطبق تجاه تصريحات الدكتورة سعاد صالح : كان لتجربة انتقال رئاسة الحزب بهذا الرقى والشياكة أثره فى جذب العديد من الرموز المصرية من مختلف التوجهات للإنضمام لعضوية الحزب لعل ابرزهم الشاعر احمد فؤاد نجم والسيد رامى لكح والاستاذة الدكتورة سعاد صالح ـ صاحبة الفتاوى الأكثر انفتاحاً ـ والتى صرحت حينها بأنها (انضمت للوفد بعد أن رأت الصورة الحضارية التى خرجت بها انتخابات رئاسة الحزب، ففضلت استخدام طاقتها الدعوية من خلال لجنة الشئون الدينية والمرأة فى الحزب بهدف التحرك فى الشارع بين الناس، معربة عن أملها فى أن يصل الوفد بعد مرحلة التكوين التى يمر بها إلى أن يكون بيت الأمة بالفعل ويحقق الطموحات التى تمناها منه المواطن المصرى بعد افتقادها لسنوات طويلة.( وهو تصريح يؤكد توجه الدكتورة شعاد ويطرح سؤالاً عن دلالات وجود لجنة دينية ضمن لجان حزب ليبرالى مدنى وهو نفس السؤال المطروح على حزب التجمع اليسارى.

على أن الأهم أن الدكتورة سعاد صالح استاذة الفقه المقارن بجامعة الأزهر، رفضت عبر برنامج "مانشيت" على قناةON T V تولى المسيحى منصب رئيس الجمهورية وفقاً للقاعدة التى تقول بألا يولى الكافر على المؤمن، ونحن لا نتوقف عند هذ التصريح فى بعده الفقهى والدينى فهذا حقها، لكننا نقرأه فى بعده السياسى وباعتبارها عضوة فى حزب الوحدة الوطنية ونتساءل عن صمت الحزب عن التعليق الرسمى أو التحقيق مع أحد أعضاءه سياسياً، هل اكتفى بمداخلة الاستاذ صلاح سليمان المستشار القانونى للحزب فى البرنامج ورده الحاسم عليها؟، ربما، أو بتراجعها عن تصريحاتها، ربما، لكننا نرى فى صمت الحزب مناورة سياسية تغازل المتطرفين لكنها تأتى خصما من قيم ومبادئ الحزب.

ـ استنكار السيد رئيس الحزب لأن يكون الحزب علمانياً : فى إطار المقاومة الطبيعية من أنصار الدولة الدينية لمفهوم الدولة المدنية يمكننا أن نتفهم حربهم ضد العلمانية ووصمها بالكفر ومعاداة الدين بعد أن شوهو معناها عمداً وزوراً، رغم أن المصطلح يقول بأنها من العالم أو من العلم، وقد ولدت فى الغرب فى مواجهة سيطرة المؤسسة الدينية على مقاليد الحكم والسياسة وكانت نقطة الإنطلاق لمدنية الدولة والمجتمع، ولم تقل بمصادرة الدين أو إقصاؤه، أما أن يتبنى حزب سياسى هذا الهجوم فهو أمر يثير الكثير من القلق ويشكك فى مصداقية الحزب نفسه، لذلك لا يمكن بحال فهم تصريحات السيد الدكتور البدوى ـ 5 / 8 / 2010 ـ وهو يعلن تبرؤه وحزبه من علمانية الوفد، ويستخدم نفس طرح الإخوان ويفرق بين مدنية الحزب وعلمانيته، بينما المصطلحان يحملان نفس المعنى، اليس حزب الوفد من العالم ومن العلم ؟، هل يتبنى حزب الوفد الدعوة لقيام دولة دينية ؟ رغم النفى الظاهرى لرئيس الحزب، فيما أكد المستشار القانونى للحزب فى مداخلته فى برنامج مانشيت على (أن الوفد حزب علمانى يطبق الدستور ويطالب بالمواطنة والوحدة بين المسلمين والأقباط، مطالبا د. سعاد صالح بأن تراجع ثوابت حزب الوفد التى من غير المقبول المساس بها وأبرزها المساواة بين المسيحيين والمسلمين )، وتذكر التقارير الصحفية (قيام د.البدوى بتفعيل اللجنة الدينية بالحزب وتخصيص صفحتين فى جريدة الوفد أحدهما "إقرأ" للدين الإسلامى وأخرى "أجراس الأحد" للدين المسيحى، وأضاف لهما البدوى صفحة متخصصة عن الأزهر الشريف، متسائلا أى حزب علمانى يفعل ذلك على مستوى العالم كله؟!) لنعود إلى التساؤل عن هذا الخلط البين هل تحول الحزب إلى منبر دينى، أم أن مهمته الأولى هى مقاومة كل اشكال صبغ المجتمع بصبغة دينية؟، إنه حزب سياسى فى المقام الأول لا يجب عليه ان يغازل الدين أو رموزه أو تياراته المتشددة. دون أن يعنى هذا معاداة أو إقصاء الدين.

الإشارات الثلاث بالغة الخطورة وتحمل نذر أن يتحول الوفد الحزب الليبرالى العلمانى المدنى إلى رافد من روافد الجماعة أو داعماً لها. وعليه فالكرة الآن فى ملعب الوفديين وعليهم أن يتحركوا فى اتجاه الحفاظ على الوفد "الذى كان"، أما أنا فأعلن ـ آسفاً ـ استقالتى من الحزب احتجاجاً على انزلاقه فى منحدر الجماعة، أو هو فى طريقه إلى ذلك .



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق