By
Bolos Sidhom
آباء الكنيسة ... ثروة يجب الحفاظ عليها
القس بولس فؤاد سيدهم
كاهن كنيسة السيدة العذراء مريم
بمدينة السادات ـ إيبارشية البحيرة
مصــــر
آباء الكنيسة ، كهنة كانوا ام أساقفة ... كلهم خدام للكلمة تعِبت فيهم الكنيسة ، وتعِبت معهم وفيهم أمهاتهم وعائلاتهم لسنين طويلة وأوصلوهم إلى درجة عالية من المسئولية والإلتزام حتى استحقوا أن يحملوا على عواتقهم مسئولية قيادة الكنيسة والشعب على مر الأيام والسنين .
هؤلاء الآباء ... تتزايد خبراتهم وتنمو قدراتهم بمرور الوقت ، فكلما زادت سنوات عمرهم ، كلما تراكمت لديهم الخبرة والمعرفة والنعمة وصاروا مرجعية راسخة يستضئ بتعاليمهم وخبراتهم كل أفراد الشعب والخدام والإكليروس ، فى نفس الوقت الذى تبدأ أجسادهم فى التعرض لمتاعب تقدُّم العمر وما يتبع ذلك من أعراض وأمراض . وهنا تبرز المعادلة الصعبة بين جسد ضعيف آخذاً فى التآكل والإنحلال بفعل الزمن ، وبين خبرة متزايدة ونعمة متراكمة يحتاج إليها الجميع .
لذلك كان من واجب كل مسيحى محباً لكنيسته وحريصاً على قادتها وريادتها أن يعمل على الحفاظ على هذه الذخيرة الحية والثروة النادرة من طاقات قادة الكنيسة بكل طبقاتهم .
لكن ما نشاهده ونلمسه فى الآونة الأخيرة من استنزاف هذه الطاقات فى أمور أبعد ما تكون عن الهدف الأسمى وهو خلاص النفوس وجذبها للمسيح ، يجعلنا نلفت الإنتباه إلى ضرورة أن تكون هناك وقفة أمينة وصادقة تحتاج إلى تضافر كل الجهود وتوحِّد كل الأفكار حتى نحافظ على هذه الثروة ونحميها من الإستهلاك غير الرشيد .
لقد ظهرت مؤخراً بعض مظاهر هذا الإستنزاف فى شكل المشاركة فى المناسبات الشخصية من أكاليل ومعموديات وربما صلوات تبريك منازل وما شابه ذلك . يطلب فيها البعض من آباء أجلاء أن يشاركوهم فيها ، والهدف أساساً هو غالباً التباهى والمظهرية أكثر من الفائدة الروحية ، واضعين هؤلاء الآباء فى موضع الحرج ، فلا هم يستطيعون الإعتذار ولا هم قادرون على المشاركة . وإن شاركوا فسوف يكون ذلك إما على حساب صحتهم الغالية أو على حساب خدمات أخرى كانت أولى بالوقت الثمين الذى تحتاجه الخدمة والرعية فى كل زمان ومكان . ويتفاقم الأمر إذا تم توجيه الدعوة إلى عدد أكثر من شخصية كنسية للمناسبة الواحدة ، مما يعنى أن المسألة لا تخرج عن كونها سلوكيات مظهرية لا غير .
إن مسئولية الشعب فى الحفاظ على قيادات الكنيسة لا تقل عن مسئولية القادة والرعاة فى الحفاظ على الرعية . فكلٌ له دوره وكلٌ له مسئولياته . إن الكنيسة فى هذه الأيام فى أشد الإحتياج لطاقة وخبرة آبائها ، أساقفة كانوا أم كهنة ، ولم يعد هناك وقت أو مجال لاستنزاف هذه الطاقات فى احتفالات أو مشاركات يمكن أن يقوم بها شخص واحد أو راع قريب . إن آباء الكنيسة محتاجون للخلوة الروحية ، حيث يستردون فيها صفاء النفس والروح ليكونوا أكثر قدرة على إتخاذ القرارات الصائبة فى شتى الأمور الهامة . يحتاجون أن يجلسوا مع أبناءهم لمتابعة روحياتهم والإطمئنان على سلامة بيوتهم وعائلاتهم وأولادهم ، يساعدوهم فى حل مشاكلهم ويتدارسوا مسئوليات الخدمة مع الخدام وما هو مطلوب من برامج للخدمة ، وما تحقق من أهداف مخططة ومرجوة ... والكثير الكثير من المسائل التى هى بلا شك أجَلُّ وأهمّ من هذه المشاركات التى اتخذت شكل المظهرية حالياً أكثر من الروحانية . وهمً يتعبون ويسهرون مطالبَين بعطاء لا يتوقف فى شتى المجالات ، وإضافة أى أعباء زائدة عليهم لا شك سوف يؤثر على عطائهم المُخْلص لخدمتهم ورعيتهم .
فليحاللنى آبائى الأساقفة والكهنة إن كنت قد تطرّقتُ لهذا الأمر من قريب أو بعيد ، لكن ما نلمسه من معاناة الآباء الموقرين والأحبار الأجلّاء من جهد مضنى ووقت ثمين يضيع من ساعات وأيام فى أمور أبعد ما تكون عن هدف خدمتهم والخط الروحى الذى إتخذوه لحياتهم ، يجعلنا ننادى بضرورة أن تكون هناك وقفة لإعادة النظر فى أسلوب المشاركات حفاظاً على متطلبات الرعاية والرعية .
إن السبب المباشر فى هذه السلوكيات هو عدم دراية الكثير من شعبنا بمسئوليات الآباء . إن وزنة الوقت من أخطر الوزنات التى سوف يحاسبنا عليها الرب القدير فى يوم الدينونة العظيم . ماذا سيقدم له الآباء الذين ضاعت ساعات وأيام من عمرهم فى مناسبات وأحداث كان الأولى أن تُخدم بها قطاعات أخرى هى أكثر احتياجاً. إن الرعية فى أشد الإحتياج لزيارة الآباء ، فمنهم المريض والحائر والبعيد عن العشرة مع الله ، وشعبنا يفرح ويسر بدخول آباء الكنيسة إلى بيوتهم ، وعبارة "إحنا النهاردة زارنا المسيح" ، عبارة تسمعها صادرة من عمق القلب تعبيراً عن فرحة البسطاء والفقراء حينما يزورهم أى أب . هناك الكثير من الحالات التى هى فى أمسِّ الحاجة إلى من يستمع إليها ويرشدها ويطيب خاطرها . هناك خدام وخادمات يحلمون بحضور ندوة أو عظة لأب من الآباء ، وهناك نفوس لو وجدت دقائق معدودات لما ضاعت من أيدينا . لو حسبنا كمية الإحتياج لخبرة الآباء فى الكنيسة لعلمنا مقدار الوقت المُهدر فى غير محله ، ولأدركنا أهمية هذا الحديث الذى أرجو من كل قلبى ألا يُساء فهمه بقدر ما يُدرك فحواه .
كلنا يعلم أهمية الترويح عن النفس ، وأن اللقاءات والمناسبات لها مردود نفسى ومعنوى رائع لا يمكن تجاهله ، وأنها ضرورة لكل قائد ومسئول لما فيها من معانى مطلوبة كالإفتقاد والمتابعة ... إلخ ، لكن ما نقصده ونرجو تفاديه، هو المبالغة التى أصبحت سمة فى هذا المجال والتى يشعر بها الجميع ، بل وأصبح هناك نوع من التنافس غير المعلن فى دعوة الآباء من عامة الشعب لمناسبات شخصية يصعب عملياً تغطيتها خاصة فى ظل تعقُّد أسلوب الحياة وصعوبة المرور فى كثير من الأوقات ، إضافة إلى بُعد المسافات أحياناً كثيرة وتضارب المواعيد وما يترتب على ذلك من ارتباك برامج الآباء.
ولقد لاحظنا كيف أعرب قداسة أبينا الحبيب البابا شنودة الثالث عن تضايقه من كثرة ما يقدَّم له من نماذج التقويم للعام الجديد والكتب والصور للتوقيع عليها ، وما يمكن أن يسببه له هذا من تعطيل ومجهود.
إن قداسة الباب يحمل على كتفيه أكثر من ثمانية عقود من الزمان ، وإن كنا قد تمتعنا بتوقيعاته ومقابلاته فى سنوات العمر الذى مضى ، فإن ظروفه الصحية والعمرية تجبرنا أن نحافظ عليه كثروة روحية وقومية وشخصية لها تأثيرها الروحى العميق ، وألا نستهلكه فى الطالعة والنازلة ( كما يقول المثل).
لذلك أصبح من الواجب علينا جميعاً ، إكليروساً وشعباً أن نتيقظ ونعطى مزيداً من الإهتمام لهذه الظاهرة حتى لا نخسر الجعالة بسبب عدم الإفراز والتمييز ، وحتى لا تأخذنا دوامة الحياة وننسى مسئولياتنا الجسيمة أمام ضابط الكل الذى سوف يطالبنا بحساب الوكالة فى يوم من الأيام .
ولا يفوتنى أن أشير إلى ما يقدَّم من طعام للآباء أثناء زياراتهم للرعية ، وضرورة مراعاة أن غالبية الآباء يعانون من أمراض لا يتناسب معها أى طعام. لذلك كان الإنشغال بإعداد ما لذَّ وطاب من أطعمة دون مراعاة الحالة الصحية للضيف ، كثيراً ما يكون سبباً فى إهدار قيمة الزيارة وضياع الهدف الأصيل منها.
الرب يحفظ آباء كنيستنا ويبقيهم ذخراً وبركة وقادة إلى مدى الأيام فى كنيسته الواحدة الوحيدة المقدسة الجامعة الرسولية ، بصلوات أبينا الطوباوى البابا البطريرك البابا شنودة الثالث وشركائه فى الخدمة الرسولية آبائى المطارنة والأساقفة أجمعين ، وصلوات آبائى الكهنة الموقرين وصلواتكم جميعاً فى كل حين ... آمين
القس بولس فؤاد سيدهم
كاهن كنيسة السيدة العذراء – مدينة السادات –
إيبارشية البحيرة
Fr. Bolos Fouad
Parish Priest,
P.O.Box 106 Sadat City
EGYPT 32897Mobile: 002012 267 3000
Home : 002048 260 3583
Parish Priest,
P.O.Box 106 Sadat City
EGYPT 32897Mobile: 002012 267 3000
Home : 002048 260 3583
Facebook: Abouna Bolos Fouad (Personal)
Stmary Sadat (Church)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق