الثلاثاء، 3 أغسطس 2010

المعني في بطن الشارع


By
melad thabet
: ليست غلطة مطبعية،

بل هي كلمات في الشارع عادية،

تقولها الناس بكل تلقائية،

ولكن بباطنها معانٍ لها أهمية!

* سمعتها من راكب في وسيلة نقل جماعية، يجلس في توتر، يمتعض من رعونة السائق وسرعته، يتلاشى ذكريات عن حوادث سابقة، فينطق بكل قوة: يا ساتر!


* سمعتها من طالب في لجنة امتحان، يستعد للغش، سهر الليل كله في إعداد كل أنواع “البرشام”، فإذا بالمراقب يدخل عليه فجأة، يشعر بالخطر الكبير من اكتشاف أمره، فينطق بكل عفوية: يا ساتر!


* سمعتها من موظف حكومة، يرجع إلى بيته فَرِحًا بمرتبه المحدود، يحاول حسابه باللغة التي يعرفها (المرتب = ... كيلو لحمة)، فيجد زوجته في انتظاره، تحمل معها لستة طويلة من الطلبات، فيصرخ في يأس: يا ساتر!

سمعتها من كثيرين وكثيرات في الشارع، من كل فئة وعمر، حتى أصبحت هذه الجملة “لازمة” في لسان شعب بأكمله، ولأن هذه الجملة هكذا، ولأنها غالبًا ما ترتبط باسم الرب، فدعنا عزيزي القارئ نقترب إليها بشيء من التفصيل والتحليل، ونحاول أن نفهم المعنى الباطن فيها، والفلسفة التي تجعل الإنسان يصرخ من قلبه: يا ساتر!

1- “يا ساتر” هي أولوية

إذا نزلت إلى الشارع، وطرحت على المارة سؤالاً بسيطًا:

ما الذي تريده من الحياة، المال أم المركز أم الشهرة؟

لاكتشفت أن الغالبية العظمى من الناس ستختار إجابة رابعة؛ وهي:

“أريد فقط الصحة والستر”.

فالكثيرون يفضلون الصحة والستر على كل صنوف المال والجاه، التي لا تساوي شيئًا إذا جاءت لشخص مريض أو شخص مفضوح بين الناس. وليس الفرد فقط، بل حتى الدول والحكومات تضع الستر كأولوية أولى لها، فهي تخطط “لساتر مالي” يحمي اقتصادها، وتصرف المليارات لعمل “ساتر جوي” يحميها في الحروب... فالكل (أفرادًا وحكومات) يصرخون: يا ساتر!

2- “يا ساتر” هي احتياج

الستر بالنسبة لكثيرين يأتي بمعنيين كبيرين، هما

“عدم العار (أو عدم الفضيحة)”

و“عدم الخطر”.

بالنسبة للعار فالإنسان لا يكترث بمستوى دخله مهما كان بسيطًا، ولكن إذا وصل إلى درجة الاستدانة من الآخرين، أصبح الأمر بالنسبة له عارًا كبيرًا. وبما أنه إلى الآن تنتشر جرائم الشرف والثأر تحت اسم محو العار وستر الفضيحة، فالإنسان محتاج أن يطلب الستر منه.

أما بالنسبة للخطر، فالإنسان لا يهتم عندما يقرأ آلاف الحوادث والكوارث اليومية، ولكن إذا وصلت هذه الأمور كخطر شخصي له، أفصح عن احتياجه، وطلب لنفسه الستر من هذا الخطر. وبما أننا نعيش في عالم مُتخم بالأخطار، فالإنسان دائمًا في احتياج أن يطلب من الله الستر منه.

3- “يا ساتر” هي قصة

دعنا نعود لقصة أبينا آدم وأمنا حواء، لنعرف ما هو أصل الحكاية.

فقد كان جَدَّانا يتمتعان بكل أشكال الراحة والرفاهية،

وكانا يستمتعان برفقة الله شخصيًا لهما،

لذا فكانت فكرة الستر والصحة بعيدة تمامًا عن مخيلتهما،

فلا أخطار أو حوادث تستدعي الستر، ولا ملوثات أو مبيدات مُسرطِنة تدمر الصحة!

ولكن ومع دخول الخطية في تكوين3 دخل معها أكبر عار يفضح الإنسان،

فالكتاب المقدس يقول: «عار الشعوب الخطية» (أمثال14: 34)،

فصرخ آدم: «... خشيت، لأني عريان فاختبأت» (تكوين3: 10).

وهنا تمكن العار من فضح الإنسان أمام زوجته،

وأمام نفسه،

والأهم أمام إلهه.

وبدخول الخطية أيضًا وصل إلى الإنسان أكبر خطر؛ وهو الموت، عندما قال الرب الإله لآدم: «... لأنك تراب وإلى تراب تعود» (تكوين3: 19).

ومن هنا صار هذان العدوان (العار والخطر) يلاحقان البشرية لآلاف السنين،

وفشلت معهما جميع محاولات الستر الوهمية،

مثل “الستر بالمآزر” التي استخدمها آدم وامرأته (تكوين3: 7)،

و“الستر بالدفن” التي استخدمها قايين فكان أول من يدفن جثة بعد قتلها (تكوين4: 10)،

واستمر الناس في تقليدهم أو اختراع طرق جديدة،

مثل التأمين والادخار والتنبؤ بالكوارث،

ولكن هيهات،

فما زال الإنسان ينتظر حلاًّ إلهيًّا، وما زال يصرخ من قلبه:

يا ساتر!

4- “يا ساتر” هي نعمة

بالفعل كان عند الله الحل الحقيقي والشامل والجذري،

بالنعمة، لمشكلتي العار والخطر التي جلبتهما الخطية للإنسان،

فبالنسبة للعار أرسل الله ابنه الوحيد الرب يسوع المسيح، ليحتمل عار كل البشر على الصليب (مزمور69:7؛ 22:6)،
وبذلك خلّص البشرية من العار الأبدي والأدبي، الذي ظل يلاحقهم من قديم الزمان، وستر الإنسان أمام الله وأمام الناس وأمام نفسه، وكم كلَّفه هذا!

أما بالنسبة للخطر، فقد ستر المسيح الإنسان من أكبر خطر ينتظره، وهو الموت،

ليس فقط الموت الجسدي الذي تجده في كل لوحة مرسوم عليها جمجمة ومكتوب عليها “خطر الموت”،

ولكن الأهم هو الموت الأبدي، فهو الذي «أطاع حتى الموت؛ موت صليب» (فيلبي2: 8).

فالموت لم يصبح خطرًا يهدد حياة المؤمن الحقيقي بالمسيح ويفسد عليه استمتاعه بالحياة،

ولكنه أصبح “ربحًا” له (فيلبي1: 21).

وبذلك أمكن للإنسان أن يكون مستورًا أمام الله أبديًّا، «طوبى للذين غُفِرت آثامهم وسُتِرت خطاياهم، طوبى للرجل الذي لا يحسب له الرب خطية» (رومية4: 7، 8؛ اقرأ مزمور91).

فيا له من حل إلهي شامل، يستحق أن يطلبه الإنسان قائلاً: يا ساتر!

5- “يا ساتر” هي فرصة

يظن الناس أنه في كل مرة يصرخون الله قائلين: “يا ساتر يا رب”،

فإنه سيسمعهم وينقذهم من أي عار أو خطر يواجهونه بسبب طيبته ورأفته ورقته،

وهذا صحيح ولكن ليس كله؛

فالكتاب المقدس يكلمنا عن وقت من الأوقات سيصرخ الناس بمختلف لغاتهم:

«يقولون للجبال والصخور: اسقطي علينا وأخفينا (استرينا) عن وجه الجالس على العرش وعن غضب الخروف.

لأنه جاء يوم غضبه العظيم، ومن يستطيع الوقوف؟!» (رؤيا6: 16، 17).

ولكن لن يستمع لهم الله،

إذًا فستر الله على قدر ما هو عظيم ومجاني ومتاح، ولكنه إلى وقت محدد،

فهو فرصة غالية؛ إذا ضاعت منك الآن لن تأتيك ثانيةً!

عزيزي،

إن كان يلاحقك عار أو فضيحة من أي نوع أو من أي شخص،

أو إن كنت تخاف من أي مرض أو موت أو خطر قادم،

أو إن فقدت استمتاعك بالحياة لأنك تطلب الستر والصحة ولا تجدهما؛

ها هي الفرصة بين يديك:

أن تختبر الستر الحقيقي الذي قدَّمه المسيح لأجلك،

فرصة أن تضع حياتك وبيتك وعائلتك في أعظم ستر لن تجد له مثيل،

وتقول مع داود النبي «أنت ستر لي» (مزمور32: 7)!

أدعوك معي أن تردد كلمة “يا ساتر” ولكن من منطلق جديد، وبمعني جديد، ولقصد جديد:

يا ساتر من ذنوبي وآثامي ومن شروري وعار الخطية

يا ساتر من آلامي وضيقاتي وأخطار موت نفسي الأبدية

يا ساتر ده كان بفضلك، وموتك وصلبك، ومحبتك العظيمة الأبدية

يا ساتر ها أقولها لك بجد ومن قلبي، والفرصة مش هأضيعها تاني من إيديَّ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق