السبت، 7 أغسطس 2010

معجزة زيت العذراء وحمايه الكنيسه من الهدم



بتاريخ الأول من تشرين الثاني 1961 بينما كان المهندسان الطبوغرافيان السيدان ( جبرا ديب محمد ومحمد نمورة علاء الدين ) من حلب يقومان بمسح المالكية فوصلا إلى كنيسة العذراء يمسحاها. فكلمهما الأب جبرائيل جمعة عن ظهور الزيت العجائبي ، فقالا :" نحن لا نصدق إلا إذا تأكدنا وشاهدنا بأعيننا " . ذلك أن بعثة العمل الطبوغرافي التي كانت قد قدمتْ في حينهُ خصيصاً لوضع مخطط لديريك القديمة حيث تقوم الكنيسة الأثرية ،اعترضتها مشكلة لأن عقار الكنيسة وقع في منتصف الشارع الذي سيخترق البلدة من الجنوب إلى الشمال وهذا يستدعي طبعاً هدم بناء الكنيسة .

إنها مشكلة فعلاً لكن التعليمات أعطيتْ بضرورة إنجاز العمل دون الإنشغال بالمؤثرات الجانبية وشكاوي المالكين لأن ذلك يقع حلهُ على السلطات المُختصة فيما بعد . كان الأمر في غاية الصعوبة والتعقيد وأعطيتْ الأوامر لهدم الجزء الذي يعترض الشارع . وقبل أن تنهال معاول الهدم لتطيح بذلك الصرح الأثري والديني الهام فوجئ الجميع بوقف الأعمال لحين النظر في المسألة .

وذلك لدورالأب المرحوم القس جبرائيل جمعة الهام في متابعة موضوع تعديل المخطط الطبوغرافي في محاولة لمنع هدم الكنيسة. فعَرَضَ على المسؤولين قيمة هذا الصرح من الناحية الأثرية والتاريخية ولا سيما قد ظهر فيهِ طيف السيدة العذراء وأعجوبة نضح الزيت المقدس .

وعند إذ وافق القس جبرائيل المهندسين الطبوغرافيين على أي تجربة يرغبان القيام بها ، متكلاً على الله ومردداً وقائلاً إن هبة الله لكنيسته هذا الزيت هي آية ونعمة ويجب أن يتحقق كل من يشك بصحتها حتى يؤمن ويمجد اسم الله .

فلم يكن أمام الطبوغرافيين سوى التأكد من الأعجوبة ليكون ذلك مبرراً لتعديل المصور لذلك أُتخذتْ إجراءات إغلاق الخزانة الخشبية التي تحيط بمكان نضوح الزيت المقدس و طلبا المهندسين من الكاهن جبرائيل مسح وتنشيف مكان نضوح الزيت بالشاش والقطن ففعلَ حتى يبس ولم يبقى له أثر ، ثم أقفل الكاهن بحضور المهندسين الحاجز الخشبي المحيط بمكان نضوح الزيت المقدس وختمه بالشمع الأحمر مع وضع بعض العلامات الفارقة على أن يكون فتح الأقفال بعد أسبوع وحددا الوقت والساعة وانصرفا. وأخذ الأب جبرائيل أحد الأقفال ومنح الأخر للمهندسين وأغلق باب الكنيسة أيضاً .

( فبعد أسبوع سيقومون بفتح الكنيسة للتأكد من صحة المعجزة فإن كان هناك زيت مقدس فهذا يعني أنه بالفعل تلك معجزة من الله وبالتالي لن يتم هدم الكنيسة وإن حدث العكس ولم يكن هناك أي زيت مقدس فعندها سيتم تكذيب المعجزة وسيتم هدم عقار الكنيسة – أولف )



وتم تحديد يوم الأربعاء 8 \ 11 \ 1961 موعداً للكشف عن مكان نضوح الزيت .

كان ذلك اليوم من الأيام المشهودة في حياة المالكية فلقد زحفت المدينة برمتها شيباً وشباباً وتجمهر الناس أمام باب الكنيسة وبعد امتلاء الكنيسة وباحتها بأبناء الشعب من عموم الطوائف والمذاهب ورجال الأمن والمسؤولين والحكوميين حضر المهندس محمد نمورة علاء الدين بمفرده لأن رفيقه سافر إلى حلب بصورة اضطرارية فدخل الكنيسة وتبعه الجموع إلى مكان الأقفال وبينهم الكثيرون ممن دوّنوا هذه الحادثة ( الشماس المرحوم يوسف ابن القس جبرائيل جمعة والشماس لحدو اسحق ) وبعد أن فحص المهندس بنفسه وتأكد من العلامة الفارقة التي وضعها قبل أسبوع مع رفيقه قال بصوت عال ومسموع :" لم يتغير أو ينزع شيء من هذه العلامات " وطلب سكيناًً نزع بها الشمع الأحمر عن الأقفال وقطع الخيوط المربوطة تحت الشمع ثم أخرج المفاتيح من جيبه وفتحها بها ونزعها وفتح بيده باب الحاجز الخشبي الصغير أمام هذا الجمع الغفير والكل يراقبونه وعندما شاهد أن هذا الجرن الصغير الذي مُسِحَ ونُشّفَ بالشاش والقطن قبل أسبوع وأمام عينيه قد أمتلا زيتاً وفاض ، تراجع بخشوع وقال : " سبحان الله بالحقيقة هذه معجزة ربانية " .عندها جثا المرحوم القس جبرائيل على ركبتيه ورفع صوتهُ الشجي يُنشد المزمور الحادي والخمسين بالسريانية ودموع الفرح تتقاطر من عينيه . وبدأتْ الجموع تُقبل إلى الكنيسة لتشاهد هذا الزيت وتأخذ منه للبركة وبدأت النساء تزغرد وهن سعيدات وعمَّ الفرح بين المؤمنين ثم تقدم المهندس المذكور وهنأ كاهن الكنيسة وشكره على قبوله التجربة وبإيمان روحي وأضاف : " بالحقيقة قد تأكدنا من صدق أقوالك " .

وقد حرر المهندسان الطبوغرافيان المذكوران تقريراً خطياً بمشاهداتهما ووقعاه بتاريخ 15 تشرين الثاني 1961 وبين يدي القارئ صورة عن هذا التقرير .



نص تقرير المهندسين جبرا ديب و محمد نمورة علاء الدين :



بناء على الدعوة التي وجهها إلينا الأب القس جبرائيل جمعة لزيارة كنيسة السيدة العذراء مريم لمشاهدة الزيت المقدس الذي ظهر في أحد أركان الكنيسة المذكورة بعد ظهور خيال السيدة العذراء فيها . توجهنا نحن المهندسين الطبوغرافيين جبرا أديب ومحمد نمورة علاء الدين من أهالي مدينة حلب يوم الأربعاء المصادف 1 تشرين الثاني سنة 1961 بصحبة الأب القس المذكور إلى الكنيسة الكائنة في ديريك القديمة وهناك قصَ علينا ظهور الزيت المقدس وسبب ظهوره ، كان في الجهة الجنوبية الشرقية من المذبح حيث أقام حال ظهور الزيت خزانة خشبية مغلقة وفي وسطها حوض من الإسمنت يترشح فيه الزيت وبعد مشاهدة ذلك وكان الحوض خالياً من الزيت . أغلقنا الخزانة وأحكمنا قفلها ومن ثم ختمناها بالشمع بعد أن وضعنا علامات فارقة لنتعرف بها على صحة إغلاق الخزانة من قِبلنا فيما إذا حدث تغيير عليها وعدنا من الكنيسة مصطحبين مفتاحي الخزانة المذكورة الذين أخذنا أحدهما من القس جبرائيل ، والمفتاح الثاني من وكيل الكنيسة ، توما داود متو . وفي يوم الأربعاء المصادف 8 تشرين الثاني 1961 موعد فتح الخزانة لمشاهدة الزيت المقدس توجهتُ أنا المهندس الطبوغرافي محمد نمورة علاء الدين ، الساعة الثانية عشرة ظهراً إلى الكنيسة بمفردي حيث اضطر زميلي المهندس جبرا أديب للذهاب إلى حلب في يوم الإثنين المصادف 6 تشرين الثاني 1961 قبل موعد فتح الخزانة بيومين بناءاً على برقية مستعجلة لضرورة حضوره إلى حلب ، ولدى وصولي إلى الكنيسة شاهدتُ جمعاً كثيراً في فناء الكنيسة رجالاً ونساءاً وأطفالاًً من أهل ديريك ( المالكية ) منتظرين قدومنا لفتح الخزانة ، ولدى وصولي إلى الخزانة أخرجتُ مفتاحيها الموجدين بحوزتي وقمتُ بنزع الشمع عن قفلها بواسطة السكين بعد أن تأكدتُ من عدم تغيير أو نزع هذه العلامات التي وضعناها وفتحتوا باب الخزانة ومن حولي جموع كثيرة فشاهدنا الحوض الذي بداخلها ممتلأً يفيض بالزيت المقدس ، وبعد مشاهدتي ذلك تراجعتُ عن الخزانة وبدأت الجموع تُقبل على الخزانة لتشاهد الزيت وبدأت النساء تزغرد وهن سعيدات لذلك ، وعدتُ إلى البيت بعد أن هنأتُ الأب جبرائيل بظهور الزيت المقدس والجموع الكثيرة وبناءاً على طلب القس حررنا مشهادتنا للزيت المقدس بهذا الكتاب .


منقول

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق